اگيدي :منبع الحضارة الشمشوية
جملة من الفوائد تتعلق بإيگيدي
الفائدة الأولى :
عاصمة إيكيد في القديم هي بئر أكننت أصله بالبربرية كما في كتاب الآبار أغننيت تصغير أكنن و هو أحد شجر التنضب على كثيبها الغربي وقع تحالف تشمشه في صدر القرن الثامن الهجري أو أواخر القرن السابع و كانوا يجتمعون فيه كل سنة لبحث مصالحهم و تجديد عهدهم تبعث كل قبيلة ممثلين عنها . و تقع هذه البئر على نحو أربعين كيلو مترا جنوب طريق الأمل على بعد عشرين كيلو مترا جنوب تند كسم . و لا تزال هذه البئر ظاهرة المعالم يعتني بها المقيمون على شأنها من قبيلة إيجكوج المحترمة أعانهم الله تعالى و إلى هذا الاجتماع يشير المختار بن حامد بقوله من قصيدة :
و قد كنا تشمشه ذوي حلوم ****رواسخ تستخـــف لها الهضابا
و كان لنا مقام كل حـــــــــول**** نقول بــــــــــــه فنفعله صوابا
تقوم به مشائخنا فندعــــــــو**** إلى الإحسان و العدل الشبابا
بجرعا بئر تنضب ليت عيشـــا**** بــــــــجرعا بئر تنضب طاب آبا
و كان من آخر ما جدد فيه تشمشه عهدهم إعلان 14 رمضان 1366 في مدينة اندر و نصه:
أحمد الله ربي و أشكره ملء فمي و أصلي و أسلم على محمد خير آدمي إخبار ضمنه إنشاء و يسر معناه إفشاء بأن أعيانا من أنوف الخمس و فتيانا كلهم في الشهرة كالشمس أدركوا ما فيه سعادتهم بالحدس فأكدوا اليوم ما أسسوا بالأمس فردوا بذلك شرفهم القديم و هو غض و استدار زمنهم كهيئته يوم خلق الله السماوات و الأرض فضموا عز بني بازيد و كرمهم و فضل بني يعقوب و علمهم إلى عقل بني ديمان و حلمهم و فتح بني يداج و يمنهم و بركة الألفغيين و إخباتهم لربهم و خوارق اليدمسيين و إباء أنفسهم فجر المجد ذيوله و سحب ثيابه و حدد سيوله جنوبا من أقصى بلاد السنغال إلى حدود المغرب الأقصى شمالا و طلع بحمد الله سعيدا و طاب وقتا و صار عيدا و يوما مشهودا و عسى أن ينتج ذلك إحياء السنة و نشر العلم و العمل به خالصا لوجه الله تعالى و يثمر المروءة بأنواعها ويؤكد الإخاء بين كل منهم مع بعض و المحبة بينهم و بين جميع المسلمين و يخرج الكسل و البطالة من قلوبهم و يزين بين أعينهم ترك ما لا ينبغي فيحيوا شيمهم و يجددوا عهودهم و يؤكدوها و يكونوا يدا واحدة على البر و التقوى نائين عن الإثم و العدوان مجتمعين على مصالحهم الخاصة بهم لا يقضون أمرا عليهم إلا عن مشورة ملأ من جميع بطونهم سلما لجميع المسلمين قائمين بأمور الدولة متواصين على الصبر و المرحمة واثقين بالنصر من عند الله و بالود في قلوب الناس فإنهم بحمد الله لم يعادوا قط قبيلة ما و لم يحاربوا حيا ما فتح الله لهم في حسن المعاشرة و من طالع شيم الزوايا رأى من أخلاقهم ما يحرك النفس إلى اقتفاء تلك الآثار فالمرغوب من عامة تشمشه و خاصتهم أن يقوموا في اتفاق الكلمة و تجديد العهود بساق الجد .
و قد قرظ هذا الإعلان العلامة محمد عال بن عبد الودود بأبيات منها :
أتانا كتاب طيب الطي و الــــنشر***** يترجم عــــــن ملء الجـــوانح بالبشر
يخبر أن الخمس ضــــــموا خلائقا ***** تجمعن فيهم لا افـــترقن مدى الدهر
فعادوا كما كانوا وطابت نفوسهم***** فلا طي أو بـــــار الجراب على النشر
و قد أكدوا ما أسسوه و إننـــــــــا***** قبضنا على ما ضمه الخمس بالعشر
الفائدة الثانية :
الأمور التي تعاقد عليها تشمشه هي التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى تكون لهم طبعا و ديدنا و عدم مداخلة الظلمة و عدم طروق أبوابهم و الاعتزال عنهم قلبا و قالبا و الصبر و الحلم و الأناة والامتناع عن دفع المغرم لحسان مهمى كلف الأمر و مداراتهم اضطرارا طبقا للقواعد الشرعية و العزوف عن الدنيا و حسم مادة الخصومة فيما بينهم و مع غيرهم و قلة الطمع فيما بأيدي الناس و أن يكونوا يدا واحدة على الظالم . و في عيون الإصابة لمولود بن المختار خي أن الزوايا بنوا أمرهم على آية من القرآن و هي قوله تعالى : لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك .
الفائدة الثالثة :
أخلاق أهل إيكيد هي المعروف عند الناس باستدمين و ليست حكرا على بني أبهنض أمغر بل هي قول و عمل و سلوك و شيم امتاز بها ساكنو هذا الصقع و كساها كل بطن بمشربه الخاص و يقال لطبع أهل إيكيد طبع مضغ القتاد و هو ما يسمونه شجر أيروار قال محمد بن حمين :
أحسن ما أعد من عـــتاد*** للضيف طبع مضغ القتاد
يكفي سؤالهم عن البلاد *** ممن تـــــكون و بأي واد
ثم تتم غاية المراد ………
وقد اعتنى بجمع أخلاق أهل إيكيد العلامة المختار بن جنكي و باب بن محمودا الديماني و نظم الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيدي جملا من هزل بني ديمان هي عنوان أخلاقهم و ذيلها الأدباء من بعده و كذلك نظم بعضها الفكاهي الشهير سيد بن آبود و من أشهر ظرفاء بني ديمان باب فال بن المختار بن محمذن بن يحيى وأحمد سالم بن اكريد الديماني ثم من بني باب أحمد و محمد فال بن امخيطرات والكور ضال و محمذن ميلود و باب بن الفظيل الديماينون ثم الفاضليون و حبذا بن الأمين بن انفع الديماني ثم من أولاد باركل و أنداه بن محمد بن الحص الديماني ثم الأبهمي و المختار بن الجد بن انديه الديماني ثم من أولاد بوميجه و محمذن بن آبود الديماني .
وقد بدأت ظاهرة استدمين تستلفت أنظار الباحثين و من كلمات بني ديمان الخالدة : لِمْرُوَّ تَعْكَبْ الصبر , الكذب حرام و الحَكّْ ما ينْكَالْ , ال كَال ال فاخْلاكُ ما يبْكَ فخْلاكُ شِ , استدمين ثلثين منُّ السَّبْلَ و الثلث لَوْخَرْ الاَّ السّبَل , وهذه نماذج تنبئك عن عمق غور القوم قلت و قد يسر الله لي أن جمعت مائتي قصة من قصص بني ديمان غالبها في نوادرهم .
ويقابل خلق بني ديمان ما يسمونه خلق “إيجك” بهمزة مكسورة بعدها ياء ساكنة فشين فارسية فكاف معقودة مكسورة كلمة بربرية معناها غيرنا و هو لقب أطلقه بنو ديمان على غيرهم كما يطلق اليهود لفظ الأميين على من سواهم و اليونان لفظ البرابرة على غير اليونانيين و يقصد به بنو ديمان كل طبع مستهجن عندهم و اشتقوا منه وصف مستبجك و من أظرف ما قيل في الفرق بين المشربين قول العلامة الأديب القاضي محمد سالم بن عبد الودود على سبيل الهزل قال :
الحمد لله الذي عـــــافانـــا ***مـــــــما به ابتلى بني ديمانا
من يأت منهم جميلــا قيــلا*** ورث مــــــــــن آبائه الجميلا
و إن أتى بغير ذاك قــــــالوا*** لم يأته عم لـــــــــه أو خال
و نحن إيجك متى منا أتــى****فتى جميلا قيل أبدع الفتى
و إن أتى بغير ذا لم ينقــــم*** شنشنة نعرفها مــــن أخزم
و مثله قول بعض الظرفاء يمازح صديقا لـه :
طبعك لا يليق بالقتاد****و أهله لشدة الفساد
تأكل ضحوة بلا توان*** بين البيوت و النسا الحسان
تفعل ذلك اتكالا أننا *** إيجك لا يضر شيء عندنا
قال أرباب هذ الشأن الديمين كله مبني على حسن الخلق و الرفق في الأمور قلت أخرج أبو نعيم في الحلية عن محمد الباقر أنه قال “من أعطي الخلق و الرفق فقد أعطي الخير كله و الراحة و حسن حاله في دنياه و آخرته و من حرم الرفق و الخلق كان ذلك سبيلا إلى كل شر و بلية إلا من عصمه الله” و في الحديث الشريف “ما كان الرفق في شيء إلا زانه و فيه إن الله ليعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف” أو كما قال صلى الله عليه و سلم.
الفائدة الرابعة :
عرف أهل إيكيد منذ قديم الزمان نوعا من شظف العيش فضلوه على كل خصب يمس بكرامتهم أو عزهم أو يؤدي بصفة ما إلى اضمحلال شخصيتهم قال والد بن خالنا في كرامات تشمشه يصف تدبير أهل إيكيد لمعاشهم بصيانة الزرع و يريد بالصيانة ما يسمى بالحسانية التصوان قال :
“ذلك أن الزرع يأتي من بعيد من أقصى البلاد على ضعف الدواب و قلة الزاد فإن دونه خرط القتاد من مهامه متلفات و مفاوز موبقات و أنهار في الطريق و خلف الأنهار بحر عميق سائل سكاب و هائل معطاب يغشاه موج كلما ألقي فيه فوج و من أنواع السباع و اللصوص و الخداع و غير ذلك كالاستكانة للحقير مع الإهانة فإن الغريب ذليل فالعز مطلوب و ملتمس و خيره ما نيل في الوطن على ما فيه من جد السير و المشي الفاحش و الإدلاج في الليل و ألم البرد و شدة الحر و تعاقب الكظة و التخم و الذرب و البشم و المآكل الرديئة بأثر الجوع الفادح و المقيل في العراء و المبيت في الهواء مقابلة السماء و قلة وجدان الدواء و كثرة شرب الماء في سيئ الإناء و من ضروب الضرر و صنوف الغرر و حسبك أن قالت عائشة رضي الله عنها لولا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن السفر قطعة من العذاب لقلت إن العذاب قطعة من السفر” .
الفائدة الخامسة :
مما خص الله به أهل إيكيد من بين هذه الأصقاع أنه كان مسرحا لأول محاولة يقام بها لتأسيس الإمامة العظمى قال باب بن الشيخ سيدي في كتابه تاريخ إمارة إيدوعيش و مشظوف :
الزوايا و إن كانوا محتاجين إلى المزيد من الاستقامة و لا سيما في هذه الأزمنة فإنهم مع ذلك حملة الدين في هذه البلاد قاطبة قديما و حديثا لا تنازعهم في ذلك طائفة من طوائفها و لا تقاربهم و الأمر في ذلك أظهر من أن يظهر و أشهر من أن يشهر و العيان فيه مغن عن الخبر و العرب و إن كانت لهم الشوكة فللزوايا المناصب الشرعية كالإمامة العظمى التي اتفق عليها العرب و الزوايا قبل شربب لناصر الدين و كإقامة الصلاة و القضاء و تعلم العلم و الشهادة و التبرك و اللجوء عند الشدائد في الحياة و الممات و أمثالها و الزوايا عند العرب أكفاء و الزوايا لا يريدون لذلك من العرب إلا من تاب و حسن حاله و أفضل العرب يجعلون أفاضل الزوايا شيوخا لهم و يقلدونهم في أمورهم في العاجل و الآجل و لا يستنكفون منه بل يرونه فخرا لهم و أجرا و ذكرا فقد شاهدوا من ذلك و جنوا ثمرات ما هنالك .
الفائدة السادسة :
قال الشيخ سيد أحمد بن أسمه في كتابه “ذات ألواح و دسر” أن باب الدين بن ألفغ الأمين حين طرد السباع عن أرض إيكيد أحاط أرض إيكيد كلها بحظيرة عظيمة قال و كان أوائل إيكيد يعلمون حدود تلك الحظيرة و بها يسمى ملزم الزريبة أي أضاة الحظيرة المذكورة سميت تلك الأضاة بذلك لأنها من حدودها و بعض الناس يغلط في صانع هذه الحظيرة و يظن أنه شدار لقول الطفيل الكناني :
ازريب زربها شــــــدار **** أعل سترتهم و اغلكه
عار ما ريت أنت يالعار **** امـــــنين ادور تدخله
من كتاب أنساب بني أعمر إيديقب للأستاذ محمد فال بن عبد اللطيف
من صفحة اگيدي .
الفائدة الأولى :
عاصمة إيكيد في القديم هي بئر أكننت أصله بالبربرية كما في كتاب الآبار أغننيت تصغير أكنن و هو أحد شجر التنضب على كثيبها الغربي وقع تحالف تشمشه في صدر القرن الثامن الهجري أو أواخر القرن السابع و كانوا يجتمعون فيه كل سنة لبحث مصالحهم و تجديد عهدهم تبعث كل قبيلة ممثلين عنها . و تقع هذه البئر على نحو أربعين كيلو مترا جنوب طريق الأمل على بعد عشرين كيلو مترا جنوب تند كسم . و لا تزال هذه البئر ظاهرة المعالم يعتني بها المقيمون على شأنها من قبيلة إيجكوج المحترمة أعانهم الله تعالى و إلى هذا الاجتماع يشير المختار بن حامد بقوله من قصيدة :
و قد كنا تشمشه ذوي حلوم ****رواسخ تستخـــف لها الهضابا
و كان لنا مقام كل حـــــــــول**** نقول بــــــــــــه فنفعله صوابا
تقوم به مشائخنا فندعــــــــو**** إلى الإحسان و العدل الشبابا
بجرعا بئر تنضب ليت عيشـــا**** بــــــــجرعا بئر تنضب طاب آبا
و كان من آخر ما جدد فيه تشمشه عهدهم إعلان 14 رمضان 1366 في مدينة اندر و نصه:
أحمد الله ربي و أشكره ملء فمي و أصلي و أسلم على محمد خير آدمي إخبار ضمنه إنشاء و يسر معناه إفشاء بأن أعيانا من أنوف الخمس و فتيانا كلهم في الشهرة كالشمس أدركوا ما فيه سعادتهم بالحدس فأكدوا اليوم ما أسسوا بالأمس فردوا بذلك شرفهم القديم و هو غض و استدار زمنهم كهيئته يوم خلق الله السماوات و الأرض فضموا عز بني بازيد و كرمهم و فضل بني يعقوب و علمهم إلى عقل بني ديمان و حلمهم و فتح بني يداج و يمنهم و بركة الألفغيين و إخباتهم لربهم و خوارق اليدمسيين و إباء أنفسهم فجر المجد ذيوله و سحب ثيابه و حدد سيوله جنوبا من أقصى بلاد السنغال إلى حدود المغرب الأقصى شمالا و طلع بحمد الله سعيدا و طاب وقتا و صار عيدا و يوما مشهودا و عسى أن ينتج ذلك إحياء السنة و نشر العلم و العمل به خالصا لوجه الله تعالى و يثمر المروءة بأنواعها ويؤكد الإخاء بين كل منهم مع بعض و المحبة بينهم و بين جميع المسلمين و يخرج الكسل و البطالة من قلوبهم و يزين بين أعينهم ترك ما لا ينبغي فيحيوا شيمهم و يجددوا عهودهم و يؤكدوها و يكونوا يدا واحدة على البر و التقوى نائين عن الإثم و العدوان مجتمعين على مصالحهم الخاصة بهم لا يقضون أمرا عليهم إلا عن مشورة ملأ من جميع بطونهم سلما لجميع المسلمين قائمين بأمور الدولة متواصين على الصبر و المرحمة واثقين بالنصر من عند الله و بالود في قلوب الناس فإنهم بحمد الله لم يعادوا قط قبيلة ما و لم يحاربوا حيا ما فتح الله لهم في حسن المعاشرة و من طالع شيم الزوايا رأى من أخلاقهم ما يحرك النفس إلى اقتفاء تلك الآثار فالمرغوب من عامة تشمشه و خاصتهم أن يقوموا في اتفاق الكلمة و تجديد العهود بساق الجد .
و قد قرظ هذا الإعلان العلامة محمد عال بن عبد الودود بأبيات منها :
أتانا كتاب طيب الطي و الــــنشر***** يترجم عــــــن ملء الجـــوانح بالبشر
يخبر أن الخمس ضــــــموا خلائقا ***** تجمعن فيهم لا افـــترقن مدى الدهر
فعادوا كما كانوا وطابت نفوسهم***** فلا طي أو بـــــار الجراب على النشر
و قد أكدوا ما أسسوه و إننـــــــــا***** قبضنا على ما ضمه الخمس بالعشر
الفائدة الثانية :
الأمور التي تعاقد عليها تشمشه هي التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى تكون لهم طبعا و ديدنا و عدم مداخلة الظلمة و عدم طروق أبوابهم و الاعتزال عنهم قلبا و قالبا و الصبر و الحلم و الأناة والامتناع عن دفع المغرم لحسان مهمى كلف الأمر و مداراتهم اضطرارا طبقا للقواعد الشرعية و العزوف عن الدنيا و حسم مادة الخصومة فيما بينهم و مع غيرهم و قلة الطمع فيما بأيدي الناس و أن يكونوا يدا واحدة على الظالم . و في عيون الإصابة لمولود بن المختار خي أن الزوايا بنوا أمرهم على آية من القرآن و هي قوله تعالى : لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك .
الفائدة الثالثة :
أخلاق أهل إيكيد هي المعروف عند الناس باستدمين و ليست حكرا على بني أبهنض أمغر بل هي قول و عمل و سلوك و شيم امتاز بها ساكنو هذا الصقع و كساها كل بطن بمشربه الخاص و يقال لطبع أهل إيكيد طبع مضغ القتاد و هو ما يسمونه شجر أيروار قال محمد بن حمين :
أحسن ما أعد من عـــتاد*** للضيف طبع مضغ القتاد
يكفي سؤالهم عن البلاد *** ممن تـــــكون و بأي واد
ثم تتم غاية المراد ………
وقد اعتنى بجمع أخلاق أهل إيكيد العلامة المختار بن جنكي و باب بن محمودا الديماني و نظم الشيخ سيد محمد بن الشيخ سيدي جملا من هزل بني ديمان هي عنوان أخلاقهم و ذيلها الأدباء من بعده و كذلك نظم بعضها الفكاهي الشهير سيد بن آبود و من أشهر ظرفاء بني ديمان باب فال بن المختار بن محمذن بن يحيى وأحمد سالم بن اكريد الديماني ثم من بني باب أحمد و محمد فال بن امخيطرات والكور ضال و محمذن ميلود و باب بن الفظيل الديماينون ثم الفاضليون و حبذا بن الأمين بن انفع الديماني ثم من أولاد باركل و أنداه بن محمد بن الحص الديماني ثم الأبهمي و المختار بن الجد بن انديه الديماني ثم من أولاد بوميجه و محمذن بن آبود الديماني .
وقد بدأت ظاهرة استدمين تستلفت أنظار الباحثين و من كلمات بني ديمان الخالدة : لِمْرُوَّ تَعْكَبْ الصبر , الكذب حرام و الحَكّْ ما ينْكَالْ , ال كَال ال فاخْلاكُ ما يبْكَ فخْلاكُ شِ , استدمين ثلثين منُّ السَّبْلَ و الثلث لَوْخَرْ الاَّ السّبَل , وهذه نماذج تنبئك عن عمق غور القوم قلت و قد يسر الله لي أن جمعت مائتي قصة من قصص بني ديمان غالبها في نوادرهم .
ويقابل خلق بني ديمان ما يسمونه خلق “إيجك” بهمزة مكسورة بعدها ياء ساكنة فشين فارسية فكاف معقودة مكسورة كلمة بربرية معناها غيرنا و هو لقب أطلقه بنو ديمان على غيرهم كما يطلق اليهود لفظ الأميين على من سواهم و اليونان لفظ البرابرة على غير اليونانيين و يقصد به بنو ديمان كل طبع مستهجن عندهم و اشتقوا منه وصف مستبجك و من أظرف ما قيل في الفرق بين المشربين قول العلامة الأديب القاضي محمد سالم بن عبد الودود على سبيل الهزل قال :
الحمد لله الذي عـــــافانـــا ***مـــــــما به ابتلى بني ديمانا
من يأت منهم جميلــا قيــلا*** ورث مــــــــــن آبائه الجميلا
و إن أتى بغير ذاك قــــــالوا*** لم يأته عم لـــــــــه أو خال
و نحن إيجك متى منا أتــى****فتى جميلا قيل أبدع الفتى
و إن أتى بغير ذا لم ينقــــم*** شنشنة نعرفها مــــن أخزم
و مثله قول بعض الظرفاء يمازح صديقا لـه :
طبعك لا يليق بالقتاد****و أهله لشدة الفساد
تأكل ضحوة بلا توان*** بين البيوت و النسا الحسان
تفعل ذلك اتكالا أننا *** إيجك لا يضر شيء عندنا
قال أرباب هذ الشأن الديمين كله مبني على حسن الخلق و الرفق في الأمور قلت أخرج أبو نعيم في الحلية عن محمد الباقر أنه قال “من أعطي الخلق و الرفق فقد أعطي الخير كله و الراحة و حسن حاله في دنياه و آخرته و من حرم الرفق و الخلق كان ذلك سبيلا إلى كل شر و بلية إلا من عصمه الله” و في الحديث الشريف “ما كان الرفق في شيء إلا زانه و فيه إن الله ليعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف” أو كما قال صلى الله عليه و سلم.
الفائدة الرابعة :
عرف أهل إيكيد منذ قديم الزمان نوعا من شظف العيش فضلوه على كل خصب يمس بكرامتهم أو عزهم أو يؤدي بصفة ما إلى اضمحلال شخصيتهم قال والد بن خالنا في كرامات تشمشه يصف تدبير أهل إيكيد لمعاشهم بصيانة الزرع و يريد بالصيانة ما يسمى بالحسانية التصوان قال :
“ذلك أن الزرع يأتي من بعيد من أقصى البلاد على ضعف الدواب و قلة الزاد فإن دونه خرط القتاد من مهامه متلفات و مفاوز موبقات و أنهار في الطريق و خلف الأنهار بحر عميق سائل سكاب و هائل معطاب يغشاه موج كلما ألقي فيه فوج و من أنواع السباع و اللصوص و الخداع و غير ذلك كالاستكانة للحقير مع الإهانة فإن الغريب ذليل فالعز مطلوب و ملتمس و خيره ما نيل في الوطن على ما فيه من جد السير و المشي الفاحش و الإدلاج في الليل و ألم البرد و شدة الحر و تعاقب الكظة و التخم و الذرب و البشم و المآكل الرديئة بأثر الجوع الفادح و المقيل في العراء و المبيت في الهواء مقابلة السماء و قلة وجدان الدواء و كثرة شرب الماء في سيئ الإناء و من ضروب الضرر و صنوف الغرر و حسبك أن قالت عائشة رضي الله عنها لولا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن السفر قطعة من العذاب لقلت إن العذاب قطعة من السفر” .
الفائدة الخامسة :
مما خص الله به أهل إيكيد من بين هذه الأصقاع أنه كان مسرحا لأول محاولة يقام بها لتأسيس الإمامة العظمى قال باب بن الشيخ سيدي في كتابه تاريخ إمارة إيدوعيش و مشظوف :
الزوايا و إن كانوا محتاجين إلى المزيد من الاستقامة و لا سيما في هذه الأزمنة فإنهم مع ذلك حملة الدين في هذه البلاد قاطبة قديما و حديثا لا تنازعهم في ذلك طائفة من طوائفها و لا تقاربهم و الأمر في ذلك أظهر من أن يظهر و أشهر من أن يشهر و العيان فيه مغن عن الخبر و العرب و إن كانت لهم الشوكة فللزوايا المناصب الشرعية كالإمامة العظمى التي اتفق عليها العرب و الزوايا قبل شربب لناصر الدين و كإقامة الصلاة و القضاء و تعلم العلم و الشهادة و التبرك و اللجوء عند الشدائد في الحياة و الممات و أمثالها و الزوايا عند العرب أكفاء و الزوايا لا يريدون لذلك من العرب إلا من تاب و حسن حاله و أفضل العرب يجعلون أفاضل الزوايا شيوخا لهم و يقلدونهم في أمورهم في العاجل و الآجل و لا يستنكفون منه بل يرونه فخرا لهم و أجرا و ذكرا فقد شاهدوا من ذلك و جنوا ثمرات ما هنالك .
الفائدة السادسة :
قال الشيخ سيد أحمد بن أسمه في كتابه “ذات ألواح و دسر” أن باب الدين بن ألفغ الأمين حين طرد السباع عن أرض إيكيد أحاط أرض إيكيد كلها بحظيرة عظيمة قال و كان أوائل إيكيد يعلمون حدود تلك الحظيرة و بها يسمى ملزم الزريبة أي أضاة الحظيرة المذكورة سميت تلك الأضاة بذلك لأنها من حدودها و بعض الناس يغلط في صانع هذه الحظيرة و يظن أنه شدار لقول الطفيل الكناني :
ازريب زربها شــــــدار **** أعل سترتهم و اغلكه
عار ما ريت أنت يالعار **** امـــــنين ادور تدخله
من كتاب أنساب بني أعمر إيديقب للأستاذ محمد فال بن عبد اللطيف
من صفحة اگيدي .
تعليقات
إرسال تعليق